mercredi 14 septembre 2011

تهميش المثقف الجزائري: من المسؤول؟


تهميش المثقف الجزائري: من المسؤول؟
عيسى شريط



في ظل تهميش الأدباء والمبدعين عموما، يهمش حتما المشهد الثقافي، لأن العناصر التي تحركه "مغيبة أصلا" ذلك ما يفتح المجال على مصراعيه "قبالة رواد الرداءة. هذه للأسف المعادلة التي أريد لها أن تقوم وتسود منذ الاستقلال. هذا الفعل في اعتقادي نتج عن رادة سياسية مبيتة ومدروسة بشكل محكم يضمن يقينا الانتهاء إلى ما نحن عليه الآن من تخلف ثقافي مركب يصعب الخروج منه إلا بإرادة سياسة أخرى، أو بإرادة المثقف نفسه عبر نفض الغبار المتراكم عليه وعلى أحواله البائسة والمحبطة، ويمكنه ذلك لو انتبه للحظة بأنه وحده من يشكل العنصر الجوهري لثقافة البناء والتطور، وحده مصدر إبداع الفكرة التي يستند عليها عالمنا المعاصر في تطوره وبناء مجدة الفكري والتكنولوجي في شتى مجالات الحياة.
لم يعرف زمن عبر التاريخ قهر وهمش فيه المبدع مثل هذا الزمن الجزائري الذي يمجد رواد زرع الرداءة والتخلف فكرا وسلوكا واجتماعا واقتصادا وسياسة أيضا، تكرس هذا الوضع عبر زمن الاستقلال ونتيجة لإرادة تهميش رواد الثقافة الحقيقية والطبيعية التي تسعى خلف البناء والرقي بالإنسان.
هو وضع كرسته إرادة سياسة وزاد في تكرسيه الموقف المتخاذل للمثقف الجزائري نفسه، وما زال يصر على موقفه البائس هذا حتى هذه اللحظة، وإلا كيف نفسر صمت المثقف الرهيب على كل ما يحدث في مختلف المجالات ابتداء بالصمت عن وضعه المزري وانتهاء بصمته المرضي عما يحدث خصوصا في المجال السياسي؟
بل يضيف إلى صمته انسحابه المطبق واعتكافه على هامش الأحداث، إذ لا نكاد نقرأ له رأيا واحدا فيما يحدث ويصر على صياغة مقالات أدبية أكل عليها الدهر وشرب ظانا أن المواطن الجزائري يهتم بما يكتب.
إني على يقين أن هذا المواطن لا يعير المثقف أدنى اهتمام لأنه أصبح يشكل بكل بساطة رمزا للفشل لا يمكن قطعا الاقتداء به نتيجة لصمته المرضي واعتكافه على الهامش مما يعطي انطباعا على فشله وجبنه في حين يسطر على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية قوم دهماء تمجدهم الأغلبية.
ومن رغب في التأكد مما أقول عليه بالرجوع إلى الجرائد اليومية وليقرأ أعمدة الروائيين والمبدعين.
اليقين أن المشهد الثقافي يعتنق نفس حالاتهم: مشهد ميت وقحط لا تقوم له قائمة إلا بأخذ زمام المبادرة من قبل رواده الحقيقيين، أقول هذا على الرغم من يأسي وإحباطي المزمنين، أقول هذا وأنا متيقن بأن إشكالية الجزائر تنحصر في تخلف الإنسان الجزائري الناتج عن غياب حياة ثقافية وفكرية وإبداعية حقيقية ترتقي به إلى مصاف الإنسانية سلوكا واجتماعا وإبداعا.
بالنسبة للسؤال الثاني، سبق وذكرت بأن حال المشهد الثقافي المزرية ساهم في تكريسها المثقف نفسه عبر سلوكيات أصبحت تبدو للإنسان الجزائري العادي سلوكيات شاذة لا خير فيها على الإطلاق، ولا يمكن الاقتداء بها. مساهمته كانت ومازالت عبر صمته وتهميشه الذاتي أحيانا على كل ما يحدث خصوصا في فضاء الفعل الثقافي، مما فسح المجال قبالة أشباه المثقفين الذين تمكنوا من رقاب المثقفين الحقيقيين أصحاب الثقافة الفاعلة.
وانتشرت هذه الظاهرة في شتى مجالات الحياة الثقافية والفنية. هذا الانتشار مهده وشجعه صمت وضعف المثقف الحقيقي الفاعل والذي عبر السنين استسلم للأمر الواقع وأضحى في نظر المجتمع رمزا للفشل والجبن.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire