jeudi 3 décembre 2009

رغبة

رغبة
قصة قصيرة
عيسى شريط





بينما يهيم بشارع مقفر، شعر على حين غرة، بوهن مباغت يسرى في بدنه..داخ..لجأ الى كرسي إسمنتي منسي بذلك الفضاء الذي يشبه الحديقة..تهالك يمتص وهنه والدوّار..أخذت يده الوفية تدلك صدره حينا وصدغيه حينا أخر..يبدو من بعيد كمن يحتضر..انتابته رغبة مبهمة تقنعه بفعل شيء، أي شيء
- وداد..
خطف سمعه صوت ينادي على تلك الصبية التي تمر من هنا..التفت ممغنطا وعيناه تشعان توسلا يريد إخماد أجيج الرغبة..مرت الصبية تعريها النظرات المفتونة لكل العابرين من هنا..تسرب قلبه الواهن في غفلة، ليسافر إليها عاشقا..وكانت يده تبحث عن الكناش المهمل في جيبه دوما، وعن القلم..أخذت أصابعه تقلب الأوراق الرثة المنهكة بالكلمات..واستقرت على ورقة بيضاء.. احتضنها القلم وطاش يرسم كل المواجع والأماني:         
- وداد..
يا طفلة اختلست في غفلة، بقايا العمر..هيجت كل الذكريات المقبورة هناك، في صباي، وتلك الأيام الخصبة..ها أنا ذا أسري وقد استعادتني الطفولة، في مملكة العشق..أركض متيما بين سنابل القمح، يجتذبني المدى والبراءة وعبق الشيح..يا لروعة الإسراء!..
- وداد..
يا زمنا سافر إليّ من عبق التاريخ كي يعيد كتابتي..يا قدري الضائع هناك في زمن الربيع..يا مكتوبي الذي نفر صباي والخصوبة منذ ألف عام..تسافرين إليّ الآن وقد باعني الزهر..استوطنني العقم..شكلني الزمن تمثالا يمجد الموت..
- وداد..
يا تاريخي المقبور وحجة خلودي الموءودة هناك في زمن الربيع..المجد أنت والحكايا وتلك القصائد المنتحرة..كلماتي، قلمي، سطوري..يا نفحة عبقة ضمّختني حين هوى زمني والحياة، وعافني الوطن..هل تدري باني بعت كل الأغاني، وعدت وحدك لحني الخالد، تعزفه الروح في كل واد؟..الدم لم يعد دمي حين سكنتي خلايا الفؤاد..ها طيفك الآن يصادر المدى والزمن، يختزلني فيه كي لا أرى سواه..كلما تجلت ابتسامتك تتسرب كما النسمة الزكية تطهر جسدي الهزيل والخطايا، تزرعه انتشاء.. ترتعش الأطراف مني، تنحني لروعة الضياء وتهيم تداعب يدك..خطيئتي أنت التي أعادتني الى جنة المفقودة، خصّبت قحطي وأنبتته عشبا وتفاحا..زادي أنت والماء..قد سكنتني الفيافي منذ زمن، وحدها الكثبان منفاي والموّارة الهوجاء..حين انبعثت يا خويتي من سواد الروح، أزهر في قحطي الغناء...
بكى..طافت يده بعفوية تمسح على وجهه، تزيل بقايا دموع الخيبة..عاد الكناش يهمل في جيبه مرة أخرى..سكنت الرغبة..اندفع واقفا واستعاد هيامه في الشارع المقفر تعريه النظرات المستفهمة لكل العابرين من هنا…   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire