dimanche 13 décembre 2009

..في البحث عن هوية




رأي

عيسى شريط





يعتبر الزلزال بالنسبة للأرض ظاهرة صحية تؤكد يقينا حياة الأرض، يساعدها على امتصاص التفاعلات في جوفها، كذلك المجتمعات تحتاج أحيانا الى زلزال، ولكن زلزال المجتمعات البشرية يحدث ليمكنها من مراجعة نفسها وأنماط معيشتها من كل النواحي سياسية وثقافية وإيديولوجية وغيرها، ولحدوث هذه الهزة الاجتماعية لابد من وسيلة تساعد على ذلك..بالنسبة للمجتمعات الغربية لها وسائلها المساعدة على ذلك، في حين لم يبق للمجتمعات العربية بعد مصادرتها سياسيا وثقافيا سوى وسيلة يتيمة تنحصر في كرة القدم..الرياضة إذن، أصبح لها مفعولا ثاقبا في تعرية الأشياء العربية..بعد مباراة الجزائر ـ مصر تعرت الأشياء بشكل أذهل الدنيا فبدت العلاقات بين الدولتين التي فرضا أسست على عناصر كم تغنينا بها من عروبة وانتماء حضاري، هشة تماما ، وأخرج المصري أنيابه لينقض سبا وشمتا على من كان يعتبره أخاه في الدين واللغة والتاريخ والمصير المشتركين..في حين كان لهذه المقابلة الرياضية التاريخية أثرا أخر تماما بالنسبة للجزائريين حيث توحدت صفوفهم بشكل لم يسبق له مثيل منذ زمن طويل على الأقل، وعادت عوامل الحب والتآزر والتضامن بينهم مثلما كان في أيام حرب التحرير تماما، هذا بالنسبة للإنسان الجزائري العادي، ولكن بالنسبة لنظيرة المثقف أخذت الأشياء بعدا أخر تماما قد يدفعه الى مراجعة مفاهيم كثيرة كان يؤمن بها ويعتبرها من المسلمات،  ربما قد حان الأوان لمراجعة وبشكل جذري مفهوم العروبة مثلا، الملاحظ أننا نحن الجزائريين فقط الذين مازلنا نتغنى أحيانا بهذا الانتماء المنقرض، في حين المصريون يصرحون صراحة بأنهم فراعنة، ما الذي يمنعنا من حصر العروبة في مدنا الجغرافي المغاربي لنمكنها من التفاعل والانسجام وعمقنا الأمازيغي الذي لا جدال فيه؟..اليقين أن كل العرب يعتبروننا برابرة ولسنا عربا فما الذي يشدنا الى مثل هؤلاء؟..إن عامل الرؤية الانتمائية الجزائرية الصرفة بكل مكوناتها الفسيفسائية لغة وثقافة، يعد يقينا من العوامل الناجعة جدا في بناء الجزائر لأنه يوفر جملة من العناصر المحفزة على ذلك، كالشعور بالانتماء، والوطنية والنخوة والتميز وغيرها من العناصر التي افتقدها المجتمع الجزائري، واعتقادي أن وسيلتنا في ذلك هي الوسيلة الرياضية في انتظار انعاش وسائل أخرى سياسية وفنية وثقافية..فريق وطني لكرة قدم أنعش في قلوب كل الجزائريين بمختلف انتماءاتهم الاجتماعية والجغرافية أسمى معاني حب الوطن ونكران الذات، و انبعثت في لحظة حاسمة مروءة الإنسان الجزائري وحبه لبلده بعدما كان أغلبنا يعتقد فيه العكس لحد خيبة الأمل في اغلب الأحيان، من هنا تفرض نفسها في اعتقادي فكرة التأمل في هذه الوسيلة الرياضية ذات المفعول السحري والتفكير في سياسة رياضية تعيد مجد الرياضي الجزائري ومن خلاله استقطاب الشباب وتوجيههم الى الفعل والإضافة النافعين وقد ضمنا وطنيته عبر شحنها بانتصارات متتالية، ومنها نشرع في التفكير في الوسائل الأنجع في اعتقادي على المدى الطويل والتي تنحصر أساسا في الوسائل الثقافية والفنية التي تمكن من الرقي بالإنسان الجزائري ذوقا وفكرا وثقافة وسلوكا متحضرا...      
مثل هذه الأفكار لا يمكن تجسيدها إلا في ظل إعادة النظر في كثير من المفاهيم الملتصقة بالانتماء والهوية تحديدا، هوية تحررنا من الولاء والتفاعل مع محيط جغرافي ضيق ومنه رؤى فكرية وثقافية ضيقة وتقينا من شر الإهانات التي نتلقاها في كل مرة من إخوة أعداء، وتفتح قبالتنا أفاقا جغرافية أوسع ومنها رؤى فكرية وثقافية واسعة تؤهلنا للتفاعل والعولمة التي لا تعتق يقينا من يفتقر الى قدرة التفاعل والتأقلم..هوية جزائرية صرفة تستمد قوتها وعبقريتها من الفسيفساء الثقافية الأصلية والمكتسبة المنتشرة عبر القطر الجزائري والتي تتميز بها الجزائر عن غيرها من البلدان العربية...  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire