lundi 7 décembre 2009

كتبوا عن أعمالي

نصوص العبور إلى الرواية
القرابين’ نقلت عيسى شريط من السينما إلى الأدب



الخير شوار



عرف عيسى شريط، ككاتب متعدد الاهتمامات، فقد كتب في المسرح ونشر مجموعة كبيرة من النصوص في بعض المنابر المتخصصة، ومارس سينما الهواة، وله في هذا المجال عدة أعمال، شارك بها في مهرجانات وطنية، ومارس النقد السينمائي ونشر في بعض الدوريات المرموقة بعض مقالاته في هذا المجال، وصدر له كتاب حول تقنيات كتابة السيناريو، ثم سلطت عليه الأضواء روائيا عندما فاز بجائزة مالك حداد للرواية مناصفة عن ”لاروكاد”، ثم رواية ”الحواجز المزيفة” و”الجيفة“.
وفي هذا السياق، المتسم بالتنوع في التجربة الإبداعية، تقرأ مجموعته القصصية التي صدرت عن رابطة إبداع والموسومة ”القرابين”، وهي تجربة القديمة نسبيا مقارنة،بالنصوص الروائية التي صدرت قبلها والتي بدت أكثر نضجا، واتضحت من خلالها معالمالتجربة الأدبية، عند شريط، فالكتابة القصصية تلك التي كانت زبدتها هذه المجموعة منالنصوص، هي بمثابة نقطة العبور من التجربة السينمائية إلى التجربة السردية، وعيسىشريط الذي جاء الكتابة الأدبية متأخرا، وبالمقابل، لم ينطلق من ”فراغ إبداعي، ومن هناك تكمن المفارقة التي نلتمسها بوضوح في هذه المجموعة التي لا يمكن أن نقرأها إلا في هذا السياق، ففي هذه النصوص شيء من ارتباك المبتدئ وأشياء من حرفية العارف بخبايا الفن، وهذا الشيء هو ما جعلها تتميز عن غيرها من النصوص التي صدرت في نفس الفكرة، وما جعلها تتميز عن غيرها من النصوص التي صدرت في نفس الفكرة، وما جعل تجربة شريط في الكتابة عموما تقرأ في سياق خاص خارج أطر الحسابات الأدبية والفنية المعروفة.
فرغم حضور الصورة بشكل ملفت للانتباه، فإن اللغة السردية في هذه النصوص البدايات، يبدو عليها ارتباك والجاهزية، وأنت تنتقل من صورة إلى أخرى، تشعر بتلك اللغة الجاهزة، والعبارات التي كثيرا ما نقرؤها، في النصوص القصصية مثل ”جلس يحاضر، التحام صمتين، صمت أعماقه، وصمت القرية الأمدي، من هاجر المدرسة، استسلم لسرطان الندم شبح أوديب لم يفارقه…”.
وأنت تتصفح هذه المجموعة كثيرا ما تقرأ مثل هذه الجمل الجاهزة جمل المشاهد الكثيرة التي تتبين الخلفية السينمائية الكبيرة لهذا السارد، بل أنك تلمح بوضوح غياب ذلك الارتباك، في بعض النصوص التي يبدو أنها كتبت في فترة لاحقة مثل قصة ”مايا” التي ندخلها مباشرة بدون أي مقدمة نمطية، وذلك من خلال صوت المطرب كاظم الساهر، وهو ينعش أجواء الشقة، بأغنية ”زيديني عشقا زيديني”، تلك القصيدة التي تتواتر لازمة في كل القصة، وتبقى الخلفية التي نقرأ من خلالها الأحداث إلى النهاية ففي هذه القصة تتجلى الصورة بشكل واضح جدا، ويصبح النص وكأنه لوحة مشهدية، قابلة للتمثيل بل أن القارئ بإمكانه، أن يتلقاها على هذا الشكل، وهو يتتبع سكتات وحركات تلك الفتاة التي اسمها مايا وهي تستقبل يوما جديدا، على أنغام كاظم الساهر.
وهي تستعد للذهاب، إلى امتحان مدرسة الشرطة، وشيئا فشيئا تسلمنا للازمة، زيديني عشقا زيديني وهي من قصيدة نزار قباني، المعروفة إلى لازمة أخرى، تنتهي تصاغ أولا بضمير الغائب، ثم تتبناها في الأخير قائلة ”سأنجح… سأنجح… بالتأكيد“.
وتتجلى الصورة أوضح في هذه القصص من خلال تلك اللازمات الكثيرة الموجودة في كلالقصص تقريبا، وهي بمثابة المحور الذي تدور حوله كل الصور، أو المنظار الذي نراقبمنه المشهد، ففي قصة الجعجعة ولا صمت، لازمة فلتذهب إلى الجحيم، وفي قصة القرابين،(وهي عنوان المجموعة)، لازمة ”ستكون عاقبتك مثل هؤلاء”، وفي قصة ”وانهارت أسطورة الجسر”، لازمة ”منظر جميل أليس كذلك؟”، وغيرها من اللازمات الكثيرة التي أصبحت بمثابة الأمكنة التي تدور في محورها الصورة.
وبعد، فإن هذه المجموعة الصادرة عن رابطة إبداع، ولو أنها صدرت مطبوعة بعد التجربة الروائية لعيسى شريط، فإن كتابتها تمت في فترات متباعدة قبل التجربة الروائية، لهذا الكاتب الذي جاء السرد متأخرا من حقل فني مختلف ومؤتلف في نفس الوقت مع السرد القصصي، والروائي، إنها تجربة متميزة يجب أن تقرأ في هذا السياق الخاص، فهي بمثابة المفتاح الذي نقرأ من خلاله عيسى روائيا الذي جاء بعد ذلك

.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire